احذروا مابعد الانتخابات ..
في لحظة تأريخية فاصلة يتعذر فيها على الجمهور ان يعيش بنفس الطريقة السابقة ، كما يتعذر على السلطة ان تعيش بالطريقة التي تكبح بها تطلعات الجمهور للمستقبل ، في لحظة التقاطع هذه ينفجر الصراع المؤجل ، ولا أحد يستطيع تقييد هذا الانفجار والتلاعب بنتائجه والعمل على تدجينه .
في واقع أنظمتنا الشرقية عادة ما لاتستطيع السلطات الارتقاء الى مستويات استجابة منطقية تجعل الصراع بينها وبين الجمهور في اطار سياقات البحث عن حلول للمأزق التأريخي بينهما ، فتنفتح ابواب الازمة على مديات مجهولة وطروحات تعمّقها وتدفع بها الى قمة مستويات الصراع المستحكم ، باتجاهات العنف الذي تستخدمه السلطات حفاظاً على مصالحها والعنف المضاد الذي يمارسه الجمهور دفاعاً عن النفس.
في تجربة الاحتجاجات العراقية لم تستطع الطبقة الحاكمة ان تستجيب لمطالب الجمهور ، ذلك ان مطالب المحتجين تتعارض كلّياً مع مصالحها ، فالتغيير الحقيقي يحتاج الى مكافحة الفساد جدياً ، والطبقة السياسية بشبكتها العنكبوتية في مفاصل الدولة غارقة في الفساد المالي ومعتاشة علية محوّلة الدولة الى دولة زبائنية تخدم مصالحها . !
وانتقالا الى المطلب الاكثر اهمية المتعلق بانتخابات شفافة ونزيهة ، فان الطبقة الحاكمة محترفة بعمليات تزوير الانتخابات لضمان تواجدها التشريعي لتحمي مصالح الفساد المالي ومنطقيا لن تسمح هذه القوى باجراء انتخابات شفافة ونزيهة والسماح للقوى الشعبية الصاعدة والمحتجة بأخذ دورها التاريخي لاتمام مهام المرحلة !
كما ان الطبقة السياسية المتنفذة بمنعها اجراء انتخابات نزيهة وشفافة ومحاربة الفساد المالي المتخادم المصالح ، لن تستطيع الاستجابة لمطلب الجماهير بحصر السلاح المنفلت بيد الدولة ، أي احتكار الدولة للعنف ، قوى اللادولة هذه بيدها السلاح الذي يحمي الفاسدين واللصوص ويعيق اجراء انتخابات عادلة !
هذه هي شروط الانتقال للتغيير ومصداته المتمثلة في الطبقة السياسية الحاكمة التي تعتقد ان مطالب الجماهير هي مطالب قادمة من خلف الحدود ، الطبقة الموهومة بنظرية المؤامرة التي ينفذها شباب الصدور العارية ، الطبقة التي لاتستطيع قراءة مستقبل الصدام بينها وبين الجمهور المحتج ، فتتعامل معه بالتسويف ومحاولة ركوب موجاته الثورية وشيطنته وتسقيطه .
الى متى تتحمل هذه الجماهير وسائل القمع العنفية المبالغ بها ومنها الاغتيالات والتغييب القسري؟
هذا هو السؤال الذي تخشى الاجابة عليه السلطات ، لان الاجابة المنطقية عليه تودي الى حتمية المواجهة بين السلطات القمعية والجمهور في لحظة تأريخية مأزومة !
يقول مثل صيني ” رب شرارة احرقت سهلاً ” والمتوافر لدينا اكثر من شرارة في اكثر من مكان من جغرافية البلاد ، وكل تلك الشرارات مهيئة في لحظة تأريخية فارّة الى ان تحرق كل السهول ويصبح من المستحيل على أي قوى اطفاء النيران التي ستبتلع الاخضر واليابس، اذا أصرت الطبقة السياسية على سياساتها المتراكمة والغوص في مستنقع تزوير الانتخابات بأي شكل ومحتوى لضمان بقائها ..
ولكن من يضمن هذا البقاء ؟
هذا هو السؤال الذي ستجيب عليه احداث مابعد الانتخابات !!
كتابة على الحيطان .. احذروا ما بعد الانتخابات بقلم عامر القيسي
