عامر القيسي
بالامس فقط كتبت مقالا تحت عنوان ” ازمة الازمة والزمن المر ” كررت فيه وجهة نظري من اننا امام طبقة سياسية ، بفروعها التنفيذية والتشريعية والقضائية، منتجة للازمات ، وقلت نصاً ” ستمضي ازمة الدولار صعودا او نزولاً بالقبول الواقعي لها حكومة وشعباً ، ولن ننتظر طويلاً لنشهد أزمة جديدة من طراز جديد سياسية او اقتصادية او امنية نتلهى بها حتى تحضير الازمة الاخرى” !!
وهذا ما تحقق فعلاً الآن بالقرار الذي اصدرته المحكمة الاتحادية الموقرة ، 25 كانون الثاني ، والخاص باستحقاقات اقليم كردستان المالية ، حين اعتبرت ان كل القرارات التي صدرت بزمن حكومة الكاظمي بارسال الاموال الى الاقليم غير دستورية ولاغية ، وبذلك انفتح الباب على أزمة جديدة ومعقدة في وقت يشهد الوضع السياسي نوعاً من الاستقرار كما جاء في اول رد فعل من قبل زعيم تحالف السيادة الشيخ خميس الخنجر وجاء فيه ” بذلت القوى الوطنية جهوداً كبيرةً من أجل تحقيق الحد المعقول من الاستقرار في البلاد، ولا يمكن لأي مؤسسة في العراق أن تعرض هذا الاستقرار للتهديد من جديد.كردستان أهلنا ولايمكن المساس بأرزاقهم وثرواتهم بطريقة مخالفة للتفاهمات السياسية التي أُسست عليها الحكومة الحالية”.
بمعنى ان قرار المحكمة عمليا قد الغى ايضاً التفاهمات السياسية بين بغداد والاقليم والتي مرّت بمفاوضات ماروثونية دامت اكثر من سنة ، ليعود الجميع الى المربع الاول كما يقال !
ولامبالغة في ذلك فقد توالت ردود الفعل الكردية على لسان زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني قائلاً ” كلما سنحت الفرصة لمعالجة المشكلات فإن المحكمة الاتحادية تقوم بإجهاض هذه الفرصة بإصدار قرار عدائياً آخر تجاه إقليم كوردستان ” واصفاً قرار الاتحادية بأنه ” ضد إقليم كوردستان وضد العملية السياسية وضد الحكومة العراقية وبرنامج ائتلاف إدارة الدولة نفسه”.
وشبه بارزاني المحكمة الاتحادية بـ”محكمة الثورة” التي كانت في عهد صدام حسين، واتهمها بأنها “تنفذ أجندة مشكوكا فيها” ، ووصف رئيس الاقليم نيجيرفان بارزاني القرار بانه ” يستهدف العملية السياسية برمتها والاستقرار والاتفاق الذي تقوم عليه الحكومة الفيدرالية العراقية الجديدة” فيما قالت حكومة الاقليم ببيان لها ” في الوقت الذي توجد فيه أجواء إيجابية وتقارب بين حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية للتوصل إلى اتفاق وحل المشاكل تحت مظلة الدستور، إلا أن ما يدعو للأسف أن المحكمة اليوم، وبدلاً من دعم هذه الأجواء الإيجابية، منعت الحكومة الاتحادية، بقرار تعسفي ومعادٍ لشعب كوردستان، من إرسال المبالغ التي كان يُفترض إرسالها إلى إقليم كوردستان”..
وبذلك انفتح المشهد السياسي على أزمة جديدة احتواها الاتفاق السياسي بين بغداد واربيل في اطار إئتلاف ادارة الدولة التي انبثقت عنه حكومة السوداني ، وبدلاً من السير باتجاه حلحلة الازمات المتراكمة والموروثة ، عادت النغمات عن دستورية المحكمة والعداء للشعب الكردي والسير في نفق مظلم آخر للبحث عن حلول للازمات التي ستنتج عن قرارات المحكمة الاتحادية !
قرار المحكمة الاتحادية وضع كافة القوى السياسية السنية والكردية والشيعية وتحديدا قوى الاطار التنسيقي ، في مأزق جديد ، بين الالتزام بالتوافقات السياسية التي انتجت الحكومة والالتزام بقرار الاتحادية !!
وبين ازمة الدولار التي مازالت قائمة وأزمة قرار المحكمة الاتحادية ينطبق علينا القول ” يم حسين كنت بوحده صرت باثنين ” !!
مع بالغ الشكر لطبقة البيض ..عفواً الطبقة السياسية التي كلما زاد سعر البيض انخفض ثمنها ورصيدها !!!
المحكمة الاتحادية وبوابة أزمة جديدة !
