السياسة مهنة متوارثة ام رسالة سامية
كتب: مهند الصالح
كل مهنة تتطلب مواهب وملكات خاصة وتستلزم مقداراً من المعلومات والاختبارات الضرورية لانجاز عمل معين تتوقف عليه معيشة صاحبها.
والسياسة مهنة مثل غيرها من المهن والصناعات والأعمال الاقتصادية المعتادة
وكل من يشتغل بالسياسة لا بد له من أن يحاول الوصول إلى السيطرة والحكم سواء كان يريد هذه السيطرة لذاتها أو كواسطة لتحقيق غايات أخرى مادية أو معنوية، شخصية أو عامة.
مما تقدم هل ينطبق على بلدنا العراق ام يختلف؟
من المفترض انه لايختلف عن ماهو عليه في العالم اجمع
لكن الذي جرى ويجري بعد التغيير سنة ٢٠٠٣ وليومنا هذا اي بعد عشرين سنة نجد انه مختلف حيث ان اغلب الذين امتهن هذه المهنة هم من جاء عن طريق الصدفة او من استغل ظرفا معينا ودخل المعترك السياسي وهؤلاء اليوم يحاولون وبكل صلافة ان لا يفسحون لغيرهم المجال مهما كان الثمن رغم الفشل الذريع وسياستهم غير الموفقة وصلافتهم ومع اقتراب انتخابات مجالس المحافظات نلاحظ انهم يزجون ابناءهم واخوانهم واخواتهم ليكونوا اعضاء في الحكومات المحلية علما ان اغلبهم معينين في دوائر مهمة بمناصب اقلها مستشارين
من هنا نجد ان سياسيينا الاشاوس يحاولون توريث العمل السياسي وجعل السياسة في هذا البلد مقاطعات لهذه العائلة وتلك
ويبدو انه سيناريو جديد يصر من خلاله القائمين على العملية السياسية توريث ابنائهم واخوانهم واخواتهم العملية السياسية البائسة في هذا البلد العريق مصرين على التغير من وجهة نظرهم لتكون المرحلة المقبلة هي الاسواء اذا استمرت هكذا.
لندع جانباً الأشخاص الذين يعيشون “من السياسة” ويجعلونها مهنة للارتزاق فقط. ولنبحث في الرجال الذين يعيشون للسياسة أيضاً إذا لم نقل للسياسة وحدها.
إن من أهم صفات السياسي الكفاح والجدال والحماسة في سبيل مبادئ حزبه. وهو لا يمكن أن يشغل مقاماً في عالم السياسة إذا لم يشعر بالمسؤولية الشخصية عن كل ما يبدر منه.
ليست السياسة بالأمر السهل. وقليل من الشبان الذين يعرفون شيئاً عن كيفية السعي إلى السيطرة وتسخير الناس لإرادتهم.
إن مراعاة عواطف الناس واحترام كرامتهم شرط ضروري لنجاح رجال السياسة الذين يتولون الأمر
إن هذه الصعوبة تتضاءل بل تزول عندما يتطوع السياسي في سبيل غاية سامية كخدمة قضية قومية يؤمن بها إيماناً حقيقياً.
هذا الإيمان هو كل شيئ في السياسة.
فإنه دون الاعتقاد بمبدأ سام والإيمان بقضية عامة لا يستطيع السياسي أن يسمو فوق مستوى المتاجرين الذين “يمتهنون” السياسة.
وبالعقيدة قبل كل شيئ يمتاز السياسيون الذين يرتفعون إلى مصاف رجال الدول العظام على أشباه الرجال الذين لا يعرفون من السياسة إلا الدسائس والكذب والنفاق وجر المغانم وخداع الناس والتمويه عليهم.
إن رجال الدول العظام في التاريخ، أولئك الذين أسسوا البلدان و نهضوا بالأمم كانوا مؤمنين بالقضية العامة، متطوعين في سبيلها ليس لهم مثل أعلى غيرها فاستطاعوا بما كانوا ينفردون به من الإرادة والاخلاص والتضحية والثبات أن يترفعوا عن أساليب السياسة المعتادة بل أن ينتهجوا طرقاً جديدة في الإرادة والحكم لا يفقه هؤلاء السياسيون المتاجرون شيئاً منها.
يجب أن تنقلب السياسة من مهنة إلى رسالة.
حينئذ تصبح السياسة جهاداً مستمراً، شاقاً. ينبغي أن تقوم على الحماسة والهدوء معاً وأن تستند إلى التاريخ الذي يعلمنا أن الرجال الذين تقاعسوا عن طلب المستحيل لم يتوصلوا حتى إلى الممكن.
إنه لا يقدم على مثل هذه السياسة إلا من كان زعيماً حقاً – بل بطلاً.
السياسة مهنة متوارثة ام رسالة سامية
