العدالة الاجتماعية وعراق الغد
كتب مهند الصالح
المواطن العراقي اليوم هو شخص يائس، فاشل عاطفيا ومهنيا، لا يستطيع تجاوز مشاكله بمفرده، يهاب المسؤولية وينتظر من يحل مشاكل البلاد
الحل في هذه الحالة هو تغيير النخبة أو بالأحرى بناء نخبة حقيقية في البلاد لأن من في المشهد اليوم ليست لهم علاقة بالنخبة الفكرية، السياسية، الاجتماعية والاقتصادية.
كل من يقول أن ذلك لا يجدي وأنه قد فات الأوان فهو مخطئ لأننا مازلنا في بداية الطريقة. جني ثمار التغير لا يمكن الحديث عنه إلا بعد 30 إلى 50 سنة، هذه حقيقة لأنه لا يمكن الحديث عن نتيجة بدون عمل ولا يمكن العمل بدون إصلاح. حتى وإن كانت بدايتنا متعثرة وإن الأخطاء التي قام بها من في الحكم لها انعكاسات وأثار ستبقى لسنين لكن يجب المرور بمرحلة إصلاحية التي بدورها ستؤسس للدولة المنشودة التي رسمها المواطن لنفسه.
يختلف تفسير مفهوم الإصلاح إذا تحدثنا بدون تحديد، هل أنه إصلاح نسبي أي يشمل قطاعات معينة أم أنها حركة فكرية لتغيير عقلية سائدة تمثل عائقا لتطور المنظومة والمواصلة في طريق النمو. إن مرحلة الإصلاح في العراق هي مرحلة هيكلية للبنية التحتية للبلاد، المقصود بذلك إعادة بناء هرم المجتمع وإصلاح المنظومة الاقتصادية والسياسية
بمعنى أخر حركة تغيير عميقة تقطع تماما مع عراق ما قبل التغير وهذا يشمل استراتيجياتنا الخارجية، فلسفتنا الاقتصادية صناعيا وفلاحيا إما على الصعيد الاجتماعي بناء منظومة اجتماعية فعالة مبنية على عدالة اجتماعية حقيقة لخلق مواطن مستقل يعتمد على نفسه أساسا ثم الدولة، المقصود هنا تحقيق نجاعة اقتصادية فإن كان المواطن هو محرك الاقتصاد ومن يبادر فإن دور الدولة في التشغيل يصبح ثانويا وتقتصر مهمتها على مراقبة القطاع وضمان فرص متكافئة لكل المواطنين للمشاركة في العملية الاقتصادية، هذه هي الليبرالية الحديثة. إن نظام الحكم مهم جدا لنجاح المنظومة التي يجب أن تتماشى مع خصوصيات المواطن العراقي الثقافية والاجتماعية
كلمة السر في مرحلة الإصلاح هي العدالة الاجتماعية، التي تعتبر أحد أهداف التغير التي يمكن تحقيقها أو بالأحرى يجب تحقيقها للمضي قدما في مشروع عراق الغد. غياب هذه العدالة هو ما يفسر ذلك الإحساس بالوحدة لدى المواطن العراقي لأن شرائح المجتمعية متفاوتة وليست متصلة ببعضها البعض وهذا يعني غياب اللحمة والتضامن بين أفراد المنظومة، هذا شيء خطير جدا لأنه يمكن أن يلقي بالبلاد في خانة العداء الطبقي والفوضى الاجتماعية ويؤدي إلى نزاعات داخلية إذا لم نقل حربا أهلية
تهدف العدالة الاجتماعية لتقريب الشرائح الاجتماعية لبعضها البعض لخلق التعايش السلمي بينها والتفاعل الإيجابي بين جميع الأطراف لخلق ديناميكية تجعل من تلك المنظومة الاجتماعية، منظومة فعالة. تبنى هذه العدالة على أساسان: التكافؤ في الفرص والتمييز الإيجابي. المقصود بالتكافؤ في الفرص، أنه لا يوجد تمييز بين المواطنين مهما كانت خلفيتهم الاجتماعية عندما يتعلق الأمر في المشاركة في العملية الاقتصادية ولهم نفس الدرجة والمكانة عند الانتفاع بالخدمات التي توفرها الدولة، كالصحة والتعليم والقضاء. هذا يكون له انعكاس إيجابي على جميع اللأطراف المتداخلة، من ناحية سيحتك المواطن الميسور مع المواطن البسيط لأن كليهما سيعاملان بنفس الطريقة، ومن ناحية أخرى ستترسخ في فكر المواطن البسيط أنه يعيش في دولة تحترمه كمواطن وتضعه في نفس خانة المواطن الغني وأن له نفس فرص الأخر
يجب محاربة الفساد، السياسي والفكري والأخلاقي، يكون ذلك بضرب كل مفسد بالقانون والعقاب الشديد. لا تسوية مع الخونة ولا مصالحة مع اللصوص، يجب أن يذوق كل مجرم بحق المجتمع طعم أخطائه
وذلك سيكون رادعا لغيره. هذه الفلسفة ستؤسس لمجتمع منفتح، متصالح مع نفسه ويرى فقط المستقبل ويعلم له كل يوم ليكون أفضل. هنا تصير المصلحة الفردية للمواطن انعكاسا للمصلحة الوطنية لأن كل فرد هو فاعل حقيقي في مسيرة الصحوة وبناء عراق الغد
العدالة الاجتماعية وعراق الغد
