فوضى وانفلات سياسي
مهند الصالح
ما يحدث في وسطنا السياسي بسبب إفرازات المنافسات الانتخابية المبكرة من تباغض وشحناء واتهامات وإساءات لم يعد يحتمل الصمت، فقد تجاوز كل الحدود، حدود المنطق وحدود الأدب، وحدود الوطن.
صراعات بعضها مكشوف للجميع وبعضها لا يرى بالعين المجردة لكن أثره واضح ونتائجه أكثر وضوحاً، والنتيجة وسط سياسي(منفلت) لا يعي الأحداث المحيطة به ولا يدرك مخاطرها، ولا يشعر بالخجل كونه لا يعي ولا يدرك ما حوله.
احزاب ضعيفة وكتل سياسية تعبث بالقرارات حسب الأهواء والمصالح المشتركة الناتجة من تكتلات الانتخابات وتوزيع غنائمها، ورؤساء أحزاب يحرضون الجماهير ويزيدون الاحتقان بتأكيدهم فساد السياسيون ومطالبتهم بمنافسات خالية من الشبهات، وإعلام متحزب يُقاد (جلّه) من إعلاميين بفكر طائفي (متعصبين) والنتيجة بلد منفلت.
صحيح أن بلدنا لم يكن يوما مضرباً للمثل في شيء لكنه لم يكن يوما بمثل هذا السوء وهذه الفوضى التي هو عليها الآن وباتت تشكل تهديدا على مكتسبات الوطن وتشوه صورته أمام الآخرين.
هذا هو الواقع، ومن يرى أنني أبالغ في التعبير والوصف فما عليه سوى متابعة البرامج المتخصصة في بث الاحتقان ونشر التعصب، ومطالعة الصفحات المليئة بالإساءات والمغالطات، والتجول في بعض الحسابات بمواقع التواصل التي تهدد وتحرض على الفتن.
للأسف أصبح بلدنا أبعد ما يكون من أي وقت مضى عن الأخلاق والتنافس الشريف، والسبب قيادات غير جدير بالمسؤولية، ورؤساء أحزاب يبحثون عن مصالح أحزابهم بالحق أو الباطل، وإعلام بعضه غارق في وحل التعصب وبعضه في المصالح، وجمهور عاطفي يقوده المتعصبون والمتمصلحون.
والمؤسف حقاً هو الصمت من الجهات المسؤولة عن تنظيم الإعلام والصحافة بحكم مسؤوليتها عما ينشر في الصحف وما تبثه القنوات التلفزيونية من برامج تحرض على التعصب ونشر الفوضى والاحتقان.
هذا الصمت من المتنفذين لا يمكن أن يكون موافقة على ما يحدث، وأجزم أن الحكومة وبعض المتنفذين يريدان إعلاماً نزيهاً وبلدا مثاليا خالياً من الشوائب، لكنهما لا يستطيعون فرض المثالية ولا حتى كبح جماح هذا الانفلات الذي نعاني منه وذلك لأنهما أضعف من مواجهة هذا التيار من الفوضى.
باختصار .. بلدنا لم يكن يوماً بمثل هذا السوء والانفلات، والسبب احزاب تعبث به المصالح، ورؤساء كتل سياسية محرضون، وإعلام يقوده متعصبون وقرار ضعيف في الحكومة والقوى الماسكة للبلد
فوضى وانفلات سياسي
